ثقافة وتاريخ

احتفال الميلاد في 24 ديسمبر و7 يناير؟ لماذا الاختلاف بين الكنائس؟ ومتى وُلد المسيح؟

يُعدّ عيد الميلاد من أهم المناسبات الدينية في المسيحية. فهو العيد الأهم لدى مسيحيي الكنائس الغربية، بينما يحتل المرتبة الثانية لدى مسيحيي الكنائس الشرقية بعد عيد القيامة، بحسب المعتقدات المسيحية، ويمثّل ذكرى ميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم. لكن من الناحية التاريخية، لا يوجد اتفاق قاطع بين الكنائس المسيحية حول التاريخ الفعلي لميلاد المسيح. فالكتاب المقدس (الأناجيل) لا يذكر تاريخًا محددًا أو يومًا واضحًا لميلاده، وهو ما فتح الباب لاجتهادات لاهوتية وتاريخية لاحقة.




اعتماد موعد 24 ديسمبر ليلًا و25 ديسمبر نهارًا جاء في سياق تاريخي مرتبط بالتقويمات الكنسية، وليس بنص ديني مباشر. ومع اختلاف التقويمين اليولياني والغريغوري بفارق 13 يومًا، تحتفل الكنائس الغربية بالعيد مساء 24 ديسمبر وصباح 25 ديسمبر، بينما تحتفل أغلب الكنائس الشرقية، مثل الكنيسة القبطية المصرية والكنيسة الأرثوذكسية الروسية، بعشية 6 يناير ويوم 7 يناير. ويُستثنى من ذلك بعض كنائس مسيحيي العراق وبلاد الشام التي تتبع التقويم الغربي. كما تشير دراسات تاريخية إلى أن يوم 25 ديسمبر كان قبل المسيحية عيدًا وثنيًا في الإمبراطورية الرومانية مخصصًا للإله سول إنفكتوس، رمز الشمس التي لا تُقهر، وهو ما يرجّح أن اختيار التاريخ كان لأسباب ثقافية وسياسية تهدف إلى استيعاب الطقوس القديمة ضمن الإطار المسيحي.



الطابع الديني والاجتماعي للاحتفال

عيد الميلاد اليوم هو مناسبة دينية وثقافية لدى المسيحيين في مختلف أنحاء العالم، ويترافق مع طقوس كنسية وصلوات خاصة، إضافة إلى مظاهر اجتماعية مثل الاجتماعات العائلية، وتزيين المنازل، ووضع شجرة الميلاد، وتبادل الهدايا، وإنشاد الترانيم، وتناول عشاء الميلاد.




وتشير دراسات تاريخ الأديان إلى أن بعض هذه العادات ذات أصول مسيحية، بينما يعود بعضها الآخر إلى عصور ما قبل المسيحية أو إلى تقاليد علمانية لاحقة. فعلى سبيل المثال، شجرة الميلاد لا تمتلك أصلًا دينيًا مسيحيًا مباشرًا، بل تعود إلى طقوس وثنية قديمة مرتبطة بالطبيعة والخصب. في الوقت نفسه، يشارك عدد كبير من غير المسيحيين في الاحتفال بالعيد بشكل ثقافي واجتماعي، خصوصًا في الدول التي تعتبره عطلة رسمية. ففي السويد، يُعد يوم 24 ديسمبر عطلة عمل أو نصف يوم عمل في العديد من القطاعات، وتغلب عليه الطقوس العائلية المنزلية أكثر من الطابع الكنسي، على عكس الكنائس الشرقية حيث تبدأ الاحتفالات بالصلاة الجماعية في الكنائس ثم تمتد إلى البيوت.




وفي العالم العربي، يُعتبر عيد الميلاد عطلة رسمية في دول مثل سوريا ولبنان ومصر والأردن وفلسطين والعراق، مع اختلاف موعد الاحتفال بين التقويم الشرقي (6–7 يناير) والغربي (24–25 ديسمبر). وغالبًا ما تختلط رموز عيد الميلاد مع احتفالات رأس السنة الميلادية، في موسم احتفالي واحد يمتد من أواخر ديسمبر حتى نهاية العام.




متى وُلد المسيح؟ الرؤية الدينية للمسلمين والمسيحيين

أولًا: الرؤية الإسلامية

في العقيدة الإسلامية، يُعدّ عيسى عليه السلام نبيًا ورسولًا من عند الله، وهو أحد أُولي العزم من الرسل. ولا تحدد الرواية الإسلامية تاريخًا دقيقًا لميلاده، إلا أن عددًا من علماء المسلمين رجّحوا أن ولادته وقعت بين نهاية الربيع وبداية الصيف. ويستند هذا الترجيح إلى دلالات قرآنية، أبرزها ما ورد في قصة السيدة مريم عليها السلام، حيث ذُكر تناولها الرُّطب من نخلة، وهو ما يشير إلى فصل دافئ، إذ لا ينضج الرطب في فصل الشتاء.




هذا التصور  يتناسب أيضاً مع بعض الإشارات الواردة في الأناجيل، وتحديدًا في إنجيل لوقا، الذي يذكر وجود رعاة يبيتون في الحقول ليلًا وقت ميلاد المسيح، ويرون أنوار الملائكة. ويستدل باحثون مسيحيون من هذه الرواية على أن الميلاد كان على الأرجح في فصل الربيع أو أوائل الصيف، لأن الرعي الليلي في المناطق المحيطة ببيت لحم وبلاد الشام لا يكون ممكنًا في الشتاء، حيث البرودة الشديدة والظروف المناخية القاسية ليلًا.

وبناءً على هذه المعطيات التاريخية والدينية، يرى بعض الباحثين أن تحديد الاحتفال بعيد الميلاد في شهر ديسمبر قد يكون تقليدًا كنسيًا جاء في مراحل لاحقة، بينما تشير الروايات المرتبطة بالرعاة والظروف المناخية إلى زمن أكثر دفئًا من السنة.




  ثانيا في العقيدة المسيحية.

يُنظر إلى المسيح بوصفه ابن الله في الإطار اللاهوتي المسيحي، وتجسيدًا إلهيًا، وهي عقيدة تختلف جذريًا عن التصور الإسلامي. ويُعد ميلاده حدثًا مركزيًا في الإيمان المسيحي، حتى وإن لم يكن تاريخه محددًا بنص ديني صريح. والاختلاف حول تاريخ ميلاد المسيح ليس مجرد خلاف تقويمي، بل هو نتاج تداخل الدين بالتاريخ والسياسة والثقافة. وبينما يحتل العيد مكانة عقائدية كبرى لدى المسيحيين. ويكون الميلاد في وقت ما بين مساء 24 ديسمبر وصباح 25 ديسمبر في الكنائس الغربية مثل الفاتيكان والكنيسة السويدية، بينما  تعتبر أغلب الكنائس الشرقية، مثل الكنيسة القبطية المصرية والكنيسة الأرثوذكسية الروسية، أن الميلاد في وقت ما بين مساء 6 يناير و صباح يوم 7 يناير. باستثناء بعض كنائس العراق وسوريا ولبنان الذين يعتمدون تقويم 24 ديسمبر



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى